الزهيري
المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 11/03/2009
| موضوع: الشيعة كعامل استقرار: هل يجب عليهم أن يثبتوا ولاءهم الوطني كل يوم؟ الإثنين مارس 16, 2009 4:18 pm | |
| حسب تصريح الخارجية الأمريكية فإن ضبط النفس الذي تميز به الشيعة هو الذي حال دون اندلاع اقتتال أهلي في العراق حتى الآن، ويبرز في مقدمة السلم الأهلي اسم آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وهو أحد أبرز قادة الشيعة على مستوى العالم. وينتهج السيد السيستاني منذ سقوط النظام البعثي سياسة الهدوء وضبط الشارع الشيعي، مؤكدا على ضرورة رد أعمال العنف المتتالية بتغليب المصلحة الوطنية، ويعتبر أن الضربة القاضية لدعاة العنف تكون عبر استمرار حركة البناء والإعمار، فكان الداعم الأبرز لمسيرة الانتخابات والاحتكام لصناديق الاقتراع، والاختيار المدروس لتشكيل حكومة وطنية تمثل جميع شرائح المجتمع العراقي.
وتاريخيا تجاوز علماء الشيعة وقادتهم في العراق الإطار المذهبي، وكانت نظرتهم تتوجه إلى المصلحة العامة، وهو ما أهلهم لاتخاذ مواقع متقدمة في النضال الوطني، وتصدرت أسماؤهم قائمة الشهداء قربانا لحرية العراق من امثال آية الله السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد صادق الصدر
في البلدان الأخرى لم يتوان رجالات الشيعة عن التقدم في الخط الأمامي للدفاع عن أوطانهم، واعتبروا الدفاع عن الأرض ولو بالموت دون استقلالها واجب ديني. في لبنان على سبيل المثال يمثل الشيعة الحصن الواقي الذي يقف ببسالة ضد الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وقدم السيد حسن نصر الله انموذجا للقيادة التي تُقدم نفسها وأبناءها كقرابين لقضية كبرى اسمها رفعة لُبنان.
في السعودية لم يتردد علماء الطائفة من دعوة جمهورهم للانخراط في التعبئة العامة لمواجهة تهديدات النظام العراقي بعد احتلاله للكويت عام 1990، ووقفوا قبل أعوام قليلة ضد الحملة الاعلامية الغربية ضد المملكة. وفي البحرين لم يكن موقف الشيعة بأقل وطنية أبان أزمة 1990، ونضال شيعة البحرين التاريخي ضد الغزاة والطامعين معروف لكل مطلع على التاريخ، ويتذكر البحرينيون بكل فخر موقف العلامة الشيخ حسين البحراني الذي قاد معركة الدفاع عن البلاد في العام 1800 ميلادي واستشهد على اثر طعنة رمح في تلك المعركة.
أما تاريخ وموقف شيعة الكويت فهو خارج دائرة المزايدة أو الحوار، وموقفهم القريب من الإحتلال لا يختلف عن موقف غيرهم من ابناء البلد، وشواهد قبورهم خير شاهد على الروح الوطنية التي تمتعوا بها.
أنظمة ضد الاستقرار
أمام هذا التميز الشيعي في دعم استقرار المنطقة، يميل موقف بعض الأنظمة العربية إلى لعب أدوار ضد الاستقرار، ومنذ أكثر من عقدين من الزمن إتخذت هذه الأنظمة سلوكا مريبا لا يساهم على تحقيق الإستقرار بقدر ما يثير الكثير من التوتر ونقاط التفجر. فقد تحركت بعض الأنظمة العربية في اتجاه عزل واضطهاد جماعات سياسية نشطة في وقت لم تكن تمثل هذه الجماعات خطرا داخليا، بل ظلت جُل مطالبها وانشطتها موجهة ضد الاستعمار والمشروع الغربي في المنطقة. ولم تجد الجماعات المستهدفة تفسيرا مقنعا لهذا الموقف العدائي والاستئصالي، فمال التفكير الجماعي إلى القول بأن المبرر الوحيد هو عمالة الأنظمة للدول الغربية وهو الأمر الذي رفع حدة التوتر بين الجانبين، وبلغت حدة بعض الصراعات الداخلية درجة كسر العظم.
في وقت لاحق فتحت بعض الأنظمة النار على الحريات العامة وأغلقت الجمعيات الأهلية وقوضت مؤسسات المجتمع المدني، في الوقت الذي لم يكن لهذه الجمعيات والمؤسسات من انشطة وبرامج سوى (العمل التوعوي) والتحشيد لنصرة قضايا اسلامية أو وطنية عامة، وقد فتح هذا الموقف المعادي الباب لتسييس الجمعيات وأنشطتها وبرامجها المختلفة، وبرزت رموز وشخصيات وطنية تحمل مطالب أكثر حدة، بلغت في بعضها حد المطالبة برحيل السلطة.
في الصراع الايراني العراقي، تبنت أنظمة عربية عديدة موقفا ملتبسا ضد الجمهورية الايرانية، ولم يكن الواعز قوميا وعروبيا، وإنما القلق الشديد من تنامي القوة الشيعية في المنطقة وتأثيرها العاطفي والسياسي على الشيعة في تلك الدول، والدليل على ذلك أن العداء لم يتوقف عند الجمهورية وإنما إمتد ليطول الفرد الشيعي في الدول الأخرى ودفع الكثيرون ثمنا باهضا بسبب انتمائهم المذهبي، وليس أكثر؟ وهو ما فتح بوابة الصراعات والمنازعات بين بعض الشيعة ودولهم دفاعا عن الحقوق المنتهكة، ولم يكن سبب هذا النزاع انتماء لإيران لأن جزءاً كبيراً من الشيعة ليس لهم علاقة مع ايران لا من قريب ولا من بعيد، وإن عجز ذكاء الأنظمة العربية عن اكتشاف هذا الأمر في حينه، بل وحتى الآن.
إن إنحدار بعض الفئات أو الجماعات الشيعية في مضائق الطائفية، لا يُعبر عن المذهب وفكره ورجالاته، ووجود جهات تخلط بين انتمائها الشيعي وولائها لإيران لكونها شيعية المذهب لا ينتقص من ولاء كافة ابناء الطائفة، وإنما هو حالة من الحالات الداخلية الشبيهة بانغلاق وانحدار بعض الجماعات السُّنية في مضائق طائفية، أو خلطهم بين الانتماء الى الفكر السلفي والولاء لدولة طالبان في حينها، إن الشيعة كانوا ولا يزالون رافداً من روافد الاستقرار في المنطقة، فهل آن الأوان للتخلص من هذا النفس الطائفي البغيض، والإبحار معا في مركب الوطنية؟
| |
|